شجرة «التين الخانق» هي من الأنواع الفريدة التي يبدو واضحاً سلوكها الحيوي في بحثها عن مواطن لتنمو على الأرض وتأثرها بالمحيط وإيجاد أقصر السبل للحصول على الغذاء. من خلال فهم قواعد هذه السلوكيات، يمكن الوصول الى تصميم يتبع مجموعة من القواعد التي تستند على الأداء الإنشائي ومحاكاة نظم الطبيعة كبديل عن اللجوء المعتاد للرموز الأسلوبية في التصميم. تستند هذه القواعد على اختبار الطبيعة ونمذجة أنظمتها كمصدر للتعلم وحل المسائل، وكذلك للوصول لنموذج عمل ذو كفاءة أكبر. تعتبر تجارب الشبكات العصبية من أبرز التجارب في هذا المجال. وهي قائمة على تصميم منهج مولد لعناصر قادرة على التكيف ضمن أي كتلة تحتويها، مقدمة بذلك بدائل تصميمية للعديد من العناصر المعمارية كالأعمدة والجدران. يشمل هذا النهج مستويين في الية العمل:
أولا، البداية في تقليل أثر كلفة المادة المراد صنع الكتلة منها عبر فهم الية عمل المواد والعناصر تحت الاحمال وتطويع كتلة المادة للاستجابة لمناطق هذه الأحمال فقط. تم استخدام منهجية تحليل العناصر المنتهية وأدوات تحسين أداء الأنماط لتطوير وإيجاد منتجات وقطع أخف وزنًا وأكثر متانة.
ثانيا، بعد إيجاد مخطط عام لكتلة العنصر الإنشائي يتم التعبير عن هذه الكتلة باستخدام النظم اللامركزية ذاتية الانتظام. والتي تشبه كثيراً آلية عمل تكوينات شجرة. في هذه الأنظمة تستخدم العناصر الفردية قواعد سلوكية بسيطة للغاية، وعلى الرغم من عدم وجود متحكم مركزي يملي على الأفراد كيف يتصرفون تؤدي التفاعلات المحلية - والعشوائية عمومًا - بينها إلى بزوغ سلوك كلي ذكي غير ملحوظ على مستوى الهيكل.
تطبيقياً، تم الوصول لهذه الآلية عبر استخدام خوارزمية ذات ديناميكية حيوية وهي شبيهة بالخوارزمية التي تحاكي مستعمرات النمل حيث تستخدم هذه الخوارزمية قراءة عامة للحركة وإيجاد أفضل الطرق برسمها خطوطا انقى مع محاولة إقصاء الأماكن التي يصعب تغطيتها.
تتكرر هذه العملية بتغذية راجعة تساعد الحصول على كفاءة أعلى عبر إعادة تكرار العملية بشكل المستمر.
جرى تمثيل هذا النمط كعمل ذو توجه بحثي-نحتي بالإضافة الى مجموعة آخرى من التصاميم ضمن على قطع من الخشب الطبيعي ضمن الامكانيات المتوفرة حينها حيث تم جلب خشب الزان والجوز من مناطق ريف دمشق والعمل على معالجة الخشب قبل الحفر في منطقة صناعية مجاورة لبلدة داريا في ريف دمشق وعمل على ذلك النجارون: عدنان المعلم وخليل شعيب وايمن زردة.
وتم العمل في البداية على فهم لغة آلة الحفر بحيث ان هذا العمل لم يكن مألوفا في المشهد التصنيعي في المنطقة ويقتصر بشكل عام على أسطح ثنائية البعد. عبر ترجمة احداثيات السطح العضوي الناتج الى جملة إحداثيات يمكن للآلة فهمها لحفر الخشب عبر عدد من الأدوات وكل أداة تعبر عن مرحلة من مراحل التخشين.
لاحقا اختير هذا اللوح للعرض في متحف بيت بيروت من قبل غسان سلامة ضمن مجموعة بيروت للمشاركة في أسبوع بيروت للتصميم 2018.
العمل ضمن مشاريع مماثلة يحتاج إلى فريق من المتخصصين في مجال التصنيع والمواد لفهم خصائص المادة المصنع منها ولولا اشتراك العديد من الخبرات ضمن هذا العمل لما وصل لهذه المرحلة حيث شاركني العمل فيه المهندسين: محمد زنبوعة-تالة الشامي-عمر سلاخ-هشام تلو-بالتعاون مع المهندس معن الشامي.
أما مستقبلاً فيمكن استخدام تقنيات متقدمة كالتصنيع بالإضافة "النمذجة السريعة" بإضافة طبقات من الحديد تلو الأخرى حيث تنتج تفاصيل معمارية قابلة للاستخدام المباشر في الموقع وتوفر الكثير من المادة والوقت.